شرح حديث راس الجالوت

اشاره

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[مقدمة المؤلف]

الحمد لله ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطّاهرين.

و بعد: يقول الرّاجي إلى رحمة ربّه الباقي محمّد بن أحمد بن محمّد مهدي النّراقي إنّ بعض الفضلاء الأزكياء الأصدقاء سألني عن بيان معنى هذا الحديث الشّريف الذي هو شبه المرموز سؤالًا و جواباً، فأجبته مع قصور البال و اختلال الأحوال إذ لم يسعنى ردّه.

[سؤال السائل]

قال حفظه اللّه:

أيّها العالم الرّباني، و العارف الصّمداني، و الكاشف لأسرار «1» كلمات المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين، المأمول من ألطاف جنابكم أن تمنّوا عليّ ببيان معنى هذا الحديث الشريف و شرحه و تبيينه على وجه التفصيل.

و هذه عبارة «2» الحديث:

سأل راس الجالوت مولانا الرّضا عليه السّلام فقال: يا مولاي، ما الكفر؟

و ما الإيمان؟ و ما الكفران؟ و ما الجنة و النيران «3» و ما الشّيطانان اللذان كلاهما مرجوان؟ و قد نطق كلام الرّحمن بما قلت حيث قال في سورة الرّحمن: «الرَّحْمنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ. عَلَّمَهُ الْبَيانَ». «4»

فلما سمع الرّضا (عليه السّلام) كلامه لم يُحِر جواباً، و نكت بإصبعه الأرض و أطرق مليّاً.

فلمّا رأى رأس الجالوت سكوته عليه السّلام حمله على عيّه، «5» و شجّعته نفسه لسؤال آخر.

فقال: «يا رئيس المسلمين، ما الواحد المتكثّر و المتكثَّر المتوحّد الموجَد و الموجِد و الجارى المنجد و الناقص الزائد».

فلمّا سمع الرّضا عليه السّلام كلامه «6» و رأى تسويل نفسه له، قال: «يا ابن أبيه، أيّ شي ء تقول، و ممّن تقول، و لمن تقول؟ بينا أنت أنت صرنا نحن نحن. فهذا جوابٌ موجز.

و أمّا الجواب المفصّل فأقول اعلم «7» ان كنت الداري و الحمد لله الباري. أنّ الكفر كفران؛ كفرٌ باللّه، و كفرٌ بالشّيطان، و هما الشّيئان «8» المقبولان المردودان، لأحدهما الجنة و للآخر النيران. «9» و هما

______________________________

(1) من، ب: عن أسرار.

(2) من، ب: عبارته

(3) و ما الجنة و النيران، من، ج.

(4) سوره الرحمن- الآيات 1- 4

(5) العيّ: العجز، لسان العرب، ج 9: 510- 511 «عيا».

(6) كلامه، من، ج.

(7) اعلم، من، ج.

(8) السّيّان. من، ج.

(9) و للآخر النيران، من، ج.- و من الف، و لاحدهما النار.

شرح حديث رأس الجالوت، ص: 2

الشيئان